فاجأت عقول العراقيين علماء السايكولوجيا والطب العقلي في العالم إذ برغم كوارث الحرب والنزاعات الطائفية الدموية بما رافقها من مجازر وحشية، أثبت مسح صحي أجرته منظمة دولية رسمية أن مجانين العراق بنسبة مجانين أية دولة تعيش بسلام
ووصف علماء نفس هذه النتيجة بأنها أغرب من الخيال ولم يجدوا لها تفسيراً إلا المرونة وقدرات التكيف التي يتمتع بها الإنسان العراقي. وقالت منظمة الصحة العالمية (who) في دراسة صدرت حديثا أن العراقيين أظهروا مرونة مفاجئة فعلى الرغم من تعرضهم لسنوات من حمامات الدم، إلا أنهم نادراً ما يُعالجون من مشكلات عقلية. وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن مسحاً للصحة العقلية، نشر في مجلة الطب العقلي العالمية، وجد أن الاضطرابات العقلية في أوساط العراقيين ليست أكثر سواداً من مواطني الدول التي تعيش حال السلام والاستقرار على النقيض مما كان يتوقع من تأثيرات بعد الغزو وسنوات من الحرب الأهلية. وأوضحت الدراسة أن مستويات الإجهاد عالية، إلا أنّ الاضطرابات العقلية، مقارنة بالبلدان الأخرى تعد عادية. وهذا يعني أنّ العراقيين كانوا يلتزمون باستراتيجيات خاصة للبقاء أحياء خلال العقود الأخيرة من اللااستقرار. ونقلت رويترز عن (نعيمة القصير) ممثلة منظمة الصحة العالمية في العراق قولها في توضيح بهذا الصدد: ((الإجهاد كان له تأثير في جميع سكان العراق، والنزاع أصبح حدثاً طبيعياً في أوساطهم)). وأكد تقرير رويترز أن العنف الطائفي الذي مزق المجتمع العراقي خلال سنتي 2006-2007 انحسر بشكل كبير، لكن الكثيرين من العراقيين مازالوا مصابين بصدمة تينك السنتين. وعلى الرغم من الهبوط الشديد في العنف، فإن الميليشيات، مازالت تنفذ هجمات بالقنابل المدمرة، ولاسيما في مناطق الشمال التي تعاني من الاضطراب حتى الآن. وتقول الدراسة التي مسحت 4332 بالغاً، وجدت أن 16.5 بالمائة من العراقيين يعانون من اضطرابات عقلية، لكن 2.2 بالمائة من هؤلاء فقط تلقوا علاجاً. ونقلت رويترز عن وزير الصحة العراقي الدكتور (صالح الحصناوي) قوله: ((هذه مسألة مقلقة جداً...عندما نرى أن الكثيرين من المواطنين يعانون من الإجهاد العاطفي خلال السنوات الأخيرة) وأضاف: ((في العراق، هناك وصمة عار تتصل بالمرض العقلي. ونحن يجب أن نشجع الناس أن تراجع بحثاً عن العلاج لمن يحتاجه من هؤلاء)). وتؤكد رويترز أن المسح اكتشف أن الاضطرابات السلوكية والقلق، أصابت النساء العراقيات أكثر من الرجال.